قصيدة "رمضان موسم النور"
سيدي، سيدَ الهــدى والفضيلة
مثخن وقتي بالحكايا الطويلة
أنا في حــاجة إليــك وقلبي
كلمـــا ضل كنت أنت دليــله
أجْدَبَ الأفقُ، مَن سواك سيروي
تربة الروح بالمعاني النبيلة؟
فلتحاول أن تسرع الخطو إني
متعب والأيام حولي عليلة
أول الحلم كان يولد طفل
آخر الحلم كان يقتل غيلة!
والنشيد الذي يقول: بلادي
أسمع الآن في العـزاء عويله
يجلس الوقت شاخصا في المقاهي
عابس الوجه نافخا نرجيله
كان جيلي محملا بالأماني
لا ترى أعين الزمان مثيله
بعثرت شهوة الطريق خطانا
كلنا ضل في الزحام سبيله
لم نعد ننتمي إلى الأرض لكن
للأنا، والهوى، وشيخ القبيلة
أين حريتي؟! ولم يبق إلا
بعض خبز، وسنبلات قليلة
والأناشيد في المدى تتدلى
فوق أكتافنا حروفا ثقيلة
سيدي الشيخ، في البلاد دموع
فأعـِرْ كل واحد منديله
ليس يجدي ما قاله الناس لي عن
صحف، أو برامج، أو حيلة
كل شيء سواك محض سراب
أنت من يملك الرؤى المستحيلة
شاب عمرى ولم تزل ذكرياتي
كفراشات في الفضاء جميلة!
لاسمك السحْر! آااه ياسيدى كم
أنت حلو وكم خطاك جليلة!
عرّفتني أمي عليك، وقالت:
رمضان" الكريم شيخ الفضيلة
تارة تبدو في خيالي عجوزا
أو حصانا سمعت منه صهيله
كنتُ طفلا والباب يسهر مثلي
والمصابيح تشتهي تقبيله
في انتظار لخطوة منه تدنو
توقظ الليل والوساد الكليلة
شارعي يخلع الوقار و يلهو
بالفوانيس والشموع النحيلة
وخيوط وزينة وبيوت
كل بيت معلق قنديله
عجبا ! جارتي ترش نقودا
لم تعد - مثلما عهدت ُ- بخيلة
والرصيف الذي (يكشر) دوما
طيبا صار والوجوه ظليلة
كنت أسطورة ونحن صغار
و ملاكا لا نريد بديله
نشرب النور من يديه وكنا
كلنا نشتهي معا سلسبيله
كنت أتلو قرآننا كل يوم
بينما يتلو جارنا إنجيله
كنت تأتي وفي يديك أمان
و ليال من السماء أصيلة
مطفأ فانوس النفوس ويمسي
مستضيئا إذا لمسنا فتيله
ذكريات محفورة بضلوعي
ليت أني أعيش عهد الطفولة
يمسح القلب دمعه ويغني
داخلي طفل لا أريد رحيله.